
- من بين كل المخلوقات على الأرض ,
هناك نوعان فقط من الكائنات التي تستطيع إنتاج اللغة : البشر .. وبعض
الطيور , ومن بين تلك الطيور القليلة التي يمكن أن تقلد الخطاب البشري "
طيور المينة , الغربان , وبالطبع الببغاوات هي الأفضل في ذلك , فهي تتحدث
بلغات متعددة , ويمكنها أن تحاكي جمل كاملة مفهومة .
ولكن لما الببغاوات على وجه الخصوص من تستطيع أن تُنتج لغة بشرية مفهومة ؟
الببغاوات هي كائنات متعلمة للأصوات ,
بمعنى أنها تدرك الأصوات عن طريق السمع ثم تقلدها , وعلى الرغم من العديد
من أنواع الطيور الأخرى تميّز وتكرر الأصوات , إلا أن الببغاوات محترفة في
ذلك .
إريك جارفيس - الخبير في علم الأعصاب وعلم الأصوات بجامعة ديوك - نشر دراسة علمية في موقع " المكتبة العامة للعلوم " Plos , يشرح فيه السبب في قدرة الببغاوات على تقليد اللغة .
حيث أوضح أن أي طائر متعلم للأصوات لديه جزء في الدماغ يُسمى " نظام الصوت
" , حيث تختلف في الببغاوات ,فهذا النظام يتكون من طبقتين , طبقة داخلية (
موجودة في كل الطيور المتعلمة للأصوات ) , وطبقة خارجية ( القشرة ) وهي
طبقة فريدة من نوعها توجد في الببغاوات فقط , ويعتقد جارفيس أن تلك الطبقة
الخارجية التي تم اكتشافها مؤخراً هي المسئولة عن تمكن الببغاوات من محاكاة
اللغة ( على الرغم من أن جارفيس لم يستوعب كيف تعمل تلك الطبقة بالضبط ) .
ولكن لماذا تنسخ الببغاوات الكلام البشري ؟
في البراري , تستخدم الببغاوات براعتها
في محاكاة الأصوات لتبادل المعلومات الهامة بين بعضها البعض كي تنسجم مع
أفراد السرب , وكما تقول " إيرين بيبربرج " - وهي باحثة في جامعة هارفارد , واشتُهرت بعملها في دراسة ذكاء الببغاء الأفريقي الرمادي الذي كان يُدعى أليكس والذي عاش في مختبر بيبربيرج لمدة 30 عامًا ، حتى وفاته في عام 2007 .. "
أن الطائر الوحيد والمنعزل في البرية هو بمثابة طائر ميت , لا يستطيع
البحث عن الطعام و ويكون فريسة سهلة للحيوانات المفترسة كذلك , لكن وجوده
في سرب يجعله يتبادل المسؤوليات مع أفراد المجموعة " .
والببغاوات طيور قادرة على التعلم ,
واستخدام اللهجات المختلفة , فببغاوات الأمازون في كوستاريكا على سبيل
المثال , تتقن اللهجات الإقليمية في المنطقة وعندما تتبادل المناطق , فإنها
غالباً ما تتعلم اللغة المحلية الجديدة .
لذا فعند وضع ببغاء في بيت مجموعة من
البشر , فإنها تدمج نفسها في هذا الوضع كما لو أن افراد المنزل جزء من
سربها ولذلك تتعلم لغتهم البشرية .
فالببغاوات الأليفة لديها كل الشروط
لإلتقاط اللغة .. فلديها الوقت , الإلهام , القدرة العقلية , بينما
الببغاوات البرية من ناحية أخرى , تفتقر إلى القرب اللازم والمطلوب من
الكلام ( على الرغم من سماعها أحيانا لغات بشرية ) لذا تركز الببغاوات
البرية على الببغاوات الأخرى فيما تريد أن تتعلمه , بينما إذا كانت مصادرهم
للتفاعل الإجتماعي هم البشر , حينئذ سيبدأون بالتركيز علينا في تعلم اللغة
.
![]() |
| الببغاء الرمادي الإفريقي أليكس - blog.wikimedia.org |
سؤال آخر ..
هل تعرف الطيور المتعلمة للأصوات ما تقوله ؟
بالنسبة للبغاوات .. قد تكون بعض
الكلمات لديهم لها بعض الارتباطات بأحداث معينة , وليست عبارة عن معانٍ
معقدة بالنسبة لهم , فهم متناغمون للغاية مع السياق الذي نستخدم فيه
الكلمات - وهذا ما يخدع الناس أحياناً - فمثلاً : عندما يقول الببغاء " مرحبا .. كيف حالك ؟
" عندما يدخل مالكه إلى الغرفة , فإن ذلك لا يعني بالضرورة أن الببغاء
مهتماً بمعرفة حاله ! , ولكنه يقلد مايسمعه من أي شخص يدخل الحجره ويلقي
تلك العبارة على مالكه .
كما وُجد أن الببغاوات تنتبه أكثر
للعبارت والأصوات المرتبطة بالإثارة والاضطراب , لذا نجد أن تلك الطيور
جيدة جداً في تعلم الألفاظ النابية .
تقول الباحثة ببيربرغ : " الببغاوات الذين يفهمون مايقولونه قد تم تعليمهم بشكل مناسب " , فعلى سبيل المثال , يعرف الطائر الذي تم تدريبه لتحديد أطعمته المفضله , ما يعني ذلك عند طلبها . فالببغاء الأفريقي الرمادي " والدو
" صاحب الـ 21 عاماً , والذي كان عضواً في فرقة Hatebeak الموسيقية لمدة
12 عاماً , يحب تناول السناكس على الموز ورقائق البسكويت , وعند حصوله على
تلك الوجبة كان يجمعها معاً ويطلق عليها اسم " الرقائق الموزية " !
وبالنسبة للببغاء الشهير " أليكس "
فبحلول نهاية حياته , تعلّم من بيبربيرغ تحديد 50 جسمًا ، وسبعة ألوان ،
وستة أشكال (مثل "ثلاثة زوايا" للمثلث و "والزوايا الأربعة" للمربع) ،
وكميات تصل إلى ثمانية , كما كان بإمكانه أن يخبرك ، على سبيل المثال ، عدد
العصي الملونة باللون الإرجواني بين مجموعة من العصى , كما يمكنه تحديد
الأشياء إذا كانت "نفسها" أو "مختلفة" ، وكذلك "أكبر" و "أصغر".
ولكن ما امتاز به أليكس لم يكن حفظه
للمفردات والتي بلغت في المتوسط 100 كلمة , ولكنه تميّز بقدرته على تعلم
وتكرار المفاهيم , فعلى سبيل المثال , عندما أطعم الباحثون أليكس كعكاً في
يوم ميلاده , أطلق على الكعكة " الخبز اللذيذ " "yummy bread" ,كما أنه أطلق كلمته الخاصة " apple—bannery " حيث تقول بيبربيرغ عن تلك الكلمة : "لعله تذوق على الأرجح قليلاً مثل الموز وبدت له كثمرة كرز كبيرة".
على الرغم من أن الببغاوات تبدو بارعة
جداً في محاكاة الاصوات واللغات , ولكن يجب أن نعرف أن العديد من الحيوانات
الأخرى , سواء متعلمة للأصوات أو لا , فإن لها أصوات تستخدمها للتواصل
كطلب الطعام , وطلب التزاوج , وغيرها , ولكن من المحتمل أننا نجد أن
الببغاوات محببة لنا بشكل خاص, لأننا نستطيع فهمها .
